- إنها قاعدة سلوكية :
إن هدف القاعدة القانونية هو تنظيم السلوك فهي قاعدة تقويمية يراد بها توجيه السلوك وجهة معينة ، وهذا التوجيه قد يكون بطريقة مباشرة عندما تتضمن القاعدة أمرا أو نهيا كما قد يكون توجيه السلوك بطريقة غير مباشرة حيث تضمن القاعدة تعريفا أو تنظيما فيكون الالتزام بها بمطابقة السلوك لأحكام هذا التنظيم .
2- إنها قاعدة إجتماعية :
القانون ظاهرة اجتماعية فإذا لم يوجد مجتمع فلا تقوم الحاجة إلى القانون،لأن القانون مجموعة من القواعد السلوكية التي تنشأ لتنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع و فض ما قد ينشأ بينهم من تضارب و حل ما عسى أن يثور بينهم من خلافات وهذا القانون الموجه إلى الأشخاص إما أن يتضمن أمرا لهم بالقيام بفعل معين، أو نهيا لهم عن القيام به، أو مجرد إباحة هذا الفعل دون أمر به أو نهي عنه .
و المقصود بالمجتمع هنا ليس مجرد اجتماع عدد من الأشخاص لقضاء حاجة ما كالاستمتاع بمنظر طبيعي، أو مشاهدة عرض معين، ولكنالمقصود بالمجتمع الذي على قدر معين من الاستقرار أي المجتمع السياسي المنظم الذي يخضع أفراده لسيادة سلطة عامة تملك عليهم حق الجبر والقهر حتى ولو لم يتخذ هذا التنظيم السياسي شكل الدولة بمعناها الحديث. كما أن القانون لا يهتم بسلوك الإنسان إلا فيما يتصل بتنظيم العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع أي السلوك المتصل بالجماعة دون غيره من أنواع السلوك الأخرى التي ليست لها ذات الصفة.
والقاعدة القانونية وفق هذا المعنى هي قاعدة اجتماعية فيجب أن تتواءم مع ظروف المجتمع وعاداته وتقاليده ومعتقداته ، فإذا انحرفت القاعدة عن هذه الأسس ولم تراع المثل العليا لذلك المجتمع قدر لها أن تفشل في حكم وتوجيه سلوك أفراد الجماعة .
3- قاعدة عامة و مجردة :
وتعني أنه يجب أن تكون موجهة للعامة بصفاتهم لا بذواتهم، ومعنى ذلك أن القاعدة القانونية يجب أن لا تخص شخصا معينا بالذات أو تتعلق بحادثة معينة، بل يجب أن تكون قابلة للتطبيق على كل من يمكن أن تتوافر فيهم الصفات والشروط التي تنص عليها.
و يهدف إعطاء وصف العمومية و التجريد للقاعدة القانونية إلى تحقيق العدل و المساواة بين المخاطبين بأحكامها على أساس الإعتداد بالظروف و الأوضاع العامة المشتركة بين أشخاص المجتمع المعنيين بها ، و يبقى للقاعدة القانونية و صف العمومية و التجريد حتى و لو إنطبقت على فرد واحد كالقواعد المنظمة لصلاحيات رئيس الجمهورية مثلا فالعبرة بصفات المخاطب لا بذواتهم و بصرف النظر عن عددهم ، كما أن صفتا العمومية و التجريد هي معيار التفرقة بين القاعدة القانونية و القرار أو الحكم ، الذي يستنفذ قوته بمجرد تطبيقه على الواقعة أو الشخص الذي صدر في حقه و الذي كذلك هو في واقع الأمر تطبيق للقاعدة القانونية .
فمن منطلق تحليل القاعدة القانونية إلى فرض و حكم ، فإن المشرع في صياغته لها يتخير فرض معين و ينظر إليه بصورة مجردة ليبني على أساسه حكم يكون عاما بالضرورة ، و يصبح كل من تحقق بشأنه هذا الفرض ، سرى عليه ذلك الحكم .
بالتالي فالتجريد يتصل بالفرض و العموم يتصل بالحكم ، فالحكم كان عاما لأن الفرض كان مجردا ، و التجريد يكون عند وضع أو إعداد القاعدة القانونية ، أما العمومية فتكون عند تطبيقها أو إعمالها ، فصفتا العمومية و التجريد هما و جهان لعملة واحدة ، فالعمومية نتيجة لازمة و مترتبة على التجريد ، و إذا فقدت القاعدة القانونية هذه الصفة فقدت إعتبارها كقاعدة قانونية .
4- إنها دائمة :
بمعنى أن تطبيقها يستمر من بدأ سريانها إلى غاية إلغائها ، و صفتا الاستمرار و العمومية هما اللتان تميزان القاعدة القانونية عن القرار أو الحكم و الأوامر الإدارية المتعلقة بشخص أو واقعة معينة .
5- إنها ملزمة :
فمن منطلق أن القاعدة القانونية تتضمن تكليفا يحمل معنى الأمر للمخاطبين بها، من أجل إقامت النظام في المجتمع ، جاءت على نحو ملزم حتى تولد ذلك الشعور العام في ذهن الجماعة بضرورة الانصياع لحكم القاعدة القانونية، وصفة الإلزام هذه ترتبط بفكرة الجزاء ، بمعنى أنه يجب أن تقترن بجزاء يوقع على من يخالفها ، فطالما كانت القاعدة الإجتماعية بوجه عام سواء قانونية أو دينية أو أخلاقية تواجه سلوك الإنسان كانت مخالفتها أمرا متوقعا لذلك يتعين فرض جزاء(1) يهدد كل من يخالفها حتى يستقيم نظام المجتمع .
فالجزاء هو وسيلة إجبار و إلزام من إختصاص السلطة العامة دون الأفراد ، يكون في صورة إزالة لأثر المخالفة إذا كان ممكنا أو المطالبة بالتعويض إذا كانت الإزالة غير ممكنة .
خصائص الجزاء :
- يتميز بأنه حال غير مؤجل أي يطبق بمجرد وقوع المخالفة و هذه السرعة في توقيع الجزاء هي من زادت في فعالية إحترام القانون و دعمت الإستقرار في الجماعة من خلال تحقيق الردع المطلوب ( و هنا يختلف مع القاعدة الدينية = جزاء أخروي ).
- يتميز الجزاء بأنه مادي محسوس له مظهر خارجي كأن يمس حريته بالحبس أو يمس ذمته المالية بدفع التعويض أو الطرد من الوظيفة أو التنزيل منها ... ( و ليس مجرد جزاء معنوي يقتصر على تأنيب الضمير أو إستنكار الجماعة مثلما هو عليه الأمر في قةواعد الأخلاق و المجاملات ...) .
- الجزاء من إختصاص السلطة العامة ممثلة في الدولة هي التي توقعه عن طريق هيئات محددة قانونا ( و لو أن هناك بعض الإستثناءات القليلة جدا كالدفاع الشرعي عن النفس و المال و كذلك حق حبس الثمن أو المبيع ..).
(1) - و يقصد بالجزاء هو الضغط على إرادة الأفراد للإمتثال لأوامر القانون و نواهيه و أحكامه